فصل: أخبار مشرف الدولة في بغداد مع جنده ووزرائه.

/ﻪـ 
البحث:

هدايا الموقع

هدايا الموقع

روابط سريعة

روابط سريعة

خدمات متنوعة

خدمات متنوعة
الصفحة الرئيسية > شجرة التصنيفات
كتاب: تاريخ ابن خلدون المسمى بـ «العبر وديوان المبتدأ والخبر في أيام العرب والعجم والبربر ومن عاصرهم من ذوي السلطان الأكبر» (نسخة منقحة)



.استيلاء مشرف الدولة على الأهواز ثم على بغداد واعتقال صمصام الدولة.

ثم سار مشرف الدولة أبو الفوارس بن عضد الدولة من فارس لطلب الأهواز وقد كان أخوه أبو الحسين تغلب عليها عند انهزام عساكر صمصام الدولة سنة اثنتين وسبعين وكان صمصام الدولة عندما ملك بعث أبا الحسين وأبا ظاهر أخويه على فارس كما قدمناه فوجدا أخاهما مشرف الدولة قد سبقهما إلى ملكها وعندما ملك فارس والبصرة ولاهما كل البصرة فلما انهزمت عساكر صمصام الدولة أمام عسكر مشرف الدولة بعث أبا الحسين على الأهواز فملكها وأقام بها واستخلف على البصرة أخاه أبا ظاهر فما سار مشرف الدولة هذه السنة إلى الأهواز قدم إليه الكتاب بأن يسير إلى العراق وأنه يقره على عمله فشق ذلك على أبي الحسين وتجهز للمدافعة فعاجله مشرف الدولة عن ذلك وأغذ السير إلى أرجان فملكها ثم رامهرمز وانتقض أجناده ونادوا بشعار مشرف الدولة فهرب إلى عمه فخر الدولة بالري وأنزلها بأصفهان ووعده بالنصر وأبطأ عليه فثار في أصفهان بدعوة أخيه مشرف الدولة فقبض عليه جندها وبعثوا به إلى الري فحبسه فخر الدولة إلى أن مرض واشتد مرضه فأرسل من قتله في محبسه ولما هرب أبو الحسين من الأهواز سار إليها مشرف الدولة وأرسل إلى البصرة قائدا فملكها وقبض على أخيه أبي ظاهر وبعث إليه صمصام الدولة في الصلح وأن يخطب له ببغداد وسارت إليه الخلع والألقاب من الطائع وجاء من قبل صمصام الدولة من يستخلفه وكان معه الشريف أبو الحسن محمد بن عمر الكوفي فكان يستحثه إلى بغداد وفي خلال ذلك جاءته كتب القواد من بغداد بالطاعة وبعث أهل واسط بطاعتهم فامتنع من إتمام الصلح وسار إلى واسط فملكها وأرسل صمصام الدولة أخاه أبا نصر يستعطفه بالسلافة فلم يعطف عليه وشغب الجند على صمصام الدولة فاستشار صمصام الدولة أصحابه في طاعة أخيه فنهوه وقال بعضهم: نصعد إلى عكبرا ونتبين الأمر وإن دهمنا ما لا نقوى عليه سرنا إلى الموصل وننتصر بالديلم وقال آخرون: نقصد فخر الدولة بأصفهان ثم نخالفه إلى فارس فنحتوي على خزائن مشرف الدولة وذخائره فيصالح كرها فأعرض عنهم وركب صمصام الدولة إلى أخيه مشرف الدولة في خواصه فتلقاه بالمبرة ثم قبض عليه وسار إلى بغداد فدخلها في رمضان سنة ست وسبعين وثلاثمائة وأخوه صمصام الدولة في اعتقاله بعد أربع سنين من إمارته بالعراق.

.أخبار مشرف الدولة في بغداد مع جنده ووزرائه.

لما دخل مشرف الدولة بغداد كان الديلم معه في قوة وعدد تنتهي عدتهم إلى خمسة عشر ألفا والأتراك لا يزيدون على ثلاثة آلاف فاستطال الديلم بذلك وجرت بين اتباعهم لأول دخولهم بغداد مصاولة آلت إلى الحرب بين الفريقين فاستظهر الديلم على الترك وتنادوا بإعادة صمصام الدولة إلى ملكه فارتاب بهم مشرف الدولة ووكل بصمصام الدولة من يقتله إن هموا بذلك ثم أتيحت الكرة للأتراك على الديلم وفتكوا فيهم وافترقوا واعتصم بعضهم بمشرف الدولة ثم دخل من الغد إلى بغداد فتقبله الطائع وهنأه بالسلامة ثم أصلح بين الطائفتين واستحلفهم جميعا وحمل صمصام الدولة إلى قلعة ورد بفارس فاعتقل بها وكان نحرير الخادم يشير بقتله فلا يجيبه أحد واعتقل سنة تسع وسبعين وثلاثمائة وأشرف على الهلاك ثم أشار نحرير في قتله أو سمله فبعث لذلك من يثق به فلم يقدم على سمله حتى استشار أبا القاسم بن الحسن الناظر هناك فأشار به فسمله وكان صمصام الدولة يقول: إنما أعماني العلاء لأنه في معنى حكم سلطان ميت ولما فرغ مشرف الدولة من فتنة الجند صرف نظره إلى تهذيب ملكه فرد على الشريف محمد بن عمر الكوفي جميع أملاكه وكانت تغل في كل سنة ألفي ألف وخمسمائة ألف درهم ورد على النقيب أبي أحمد والد الرضي جميع أملاكه وأقر الناس على مراتبهم وكان قبض على وزيره أبي محمد بن فسانجس وأفرج عن أبي منصور الصاحب واستوزره فأقره على وزارته ببغداد وكان قراتكين قد أفرط في الدولة والضرب على أيدي الحكام فرأى أن يخرجه إلى بعض الوجوه وكان حنقا على بدر بن حسنويه لميله مع عمه فخر الدولة فبعثه إليه في العساكر سنة سبع وسبعين وثلاثمائة فهزمهم بدر بوادي قرمسين بعد إلى هزمه قراتكين أولا ونزل العسكر فكر عليهم بدر فهزمهم وأثخن فيهم ونجا قراتكين في الفل إلى جسر النهروان حتى اجتمع إليه المنهزمون ودخل بغداد واستولى بدر على أعمال الجبل ولما رجع قراتكين أغرى الجند بالشغب على الوزير أبي منصور بن صالحان فأصلح مشرف الدولة بينه وبين قراتكين وحقدها له فقبض عليه بعد أيام وعلى جماعة من أصحابه واستصفى أموالهم وشغب الجند من أجله فقتله وقدم عليهم مكانه طغان الحاجب ثم قبض سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة على شكر الخادم خالصة أبيه عضد الدولة وخالصته وكان يحقد عليه من أيام أبيه من سعاياته فيه منها إخراجه من بغداد إلى كرمان تقربا إلى أخيه صمصام الدولة بإخراجه فلما ملك مشرف الدولة بغداد اختفى شكر فلم يعثر عليه وكان معه في اختفائه جارية حسناء فعلقت بغيره وفطن لها فضربها فخرجت مغاضبة له وجاءت إلى مشرف الدولة فدلت عليه فأحضره وهم بقتله وشفع فيه نحرير الخادم حتى وهبه له ثم استأذن في الحج وسار من مكة إلى مصر فاختصه خلفاء الشيعة وأنزلوه عندهم بالمنزلة الرفيعة.